Wednesday, January 14, 2009

الرسائل التجارية القصيرة على المحمول تثير قلق الزبائن

سعيد الشطبي

تطرح قضية استغلال الرقم الهاتفي الخاص في أغراض تجارية إشكالية قانونية أو لا قانونية التصرف في المعطيات الخاصة من قبل متعهدي الخدمات الهاتفية في المغرب. وفي انتظار تفعيل القانون المستحدث، مؤخرا، في هذا الباب، تبقى خصوصية الزبون معرضة للاستغلال ضدا على إرادته. لكن كيف تتم عملية إرسال الرسائل؟ 
حسب مسؤول في الفرع التجاري «كازانت»، فإن عملية إرسال الرسائل القصيرة دفعة واحدة إلى عينة من زبناء الهاتف المحمول تتم وفق طريقتين: تقضي الأولى بأن يطلب الزبون (شركة تجارية، مثلا) من الفاعل في الاتصالات أن يرسل عددا معينا من الرسائل القصيرة إلى عدد من الزبائن المنتقين بناء على معايير معينة؛ معيار السن، مثلا، أو الطبقة السوسيومهنية، وذلك بحسب طبيعة المنتوج المراد تسويقه أو التعريف به، وتقضي الثانية بأن يتقدم الزبون ومعه قاعدة أرقام، فيطلب من متعهد الخدمات الهاتفية أن يتكلف بإرسال عدد معين من الرسائل القصيرة إلى عدد معين من الزبائن المنتقين انطلاقا من قاعدة المعطيات التي يكون الزبون (شركة بيع الأجهزة الإلكترونية، مثلا، أو خواص) جمعها من قسيمات معلومات تضم رقم الهاتف المحمول يطلب من الزبائن ملأها عند شرائهم منتوجا معينا من محلاته. وفي كلتا الحالتين، يحدد الزبون عدد الرسائل التي يريد إرسالها إلى زبائنه المفترضين والفترة الزمنية التي تستغرقها العملية ونص الرسالة، إذ يقوم المتعهد بإجراء اختبار أولي لعملية الإرسال من خلال رسالة أولية قصيرة على هاتف الزبون ليتأكد الأخير من صحة النص وسلامة العملية كلها. 
أما سعر الرسالة القصيرة الواحدة، يتابع المسؤول التجاري في حديثه لـ»المساء»، فلا يخضع لقاعد واحدة، بل يختلف حسب الزبون والمنتوج وطبيعة الفئات الموجهة إليها الرسائل القصيرة. وفي حال الدعوة، مثلا، إلى المشاركة في مسابقة تجارية من أي نوع، فإن المستهلك، الذي هو زبون لأحد الفاعلين في الاتصالات والخدمات الهاتفية، هو الذي يؤدي السعر الزائدة قيمته عن السعر المعتاد، انطلاقا من رصيد مكالماته. وعن حدود قانونية أو لاقانونية العملية، قال المسؤول التجاري إن الأمور تتم وفق القواعد التنظيمية المعمول بها دون أن يحدد طبيعة أو حدود هذه القواعد!؟ 
من جهة أخرى، أكدت مصادر من قطاع الاتصالات وجود شركات خاصة وسيطة تعرض هي الأخرى هذا النوع من الخدمات نظير عمولات تدفعها لمتعهد الاتصالات وخدمات الهاتف. ورجحت هذه المصادر أن يكون عددها يقارب العشر وأنها تتمركز، خاصة، في الدار البيضاء والرباط. 
إلا أن عملية توجيه رسائل قصيرة إلى الزبون من دون إذن الأخير تطرح إشكالا يتعلق بالحق في التصرف في معلومات تخص الزبون عُهد بها إلى متعهد الخدمات الهاتفية، كما تطرح حق المستهلك أو الزبون في الدفاع عن حقوقه الخاصة أمام الممارسات التجارية التي من شأنها أن تكشف خصوصيته بغير إرادته مع ما يتصل بذلك من تبعات قد تنعكس سلبا على الحياة الخاصة للأفراد. 
في هذا السياق، مازال مشروع حماية خصوصية الزبون أو المستهلك، الذي قدمه وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، أحمد رضا الشامي، حبيس ردهات الإدارة بعد أن خرج من غرفتي البرلمان. وفي اتصال أجرته معه «المساء» في الموضوع، دافع الوزير عن مشروعه وعن خصوصية المستهلك. وقال إن المشروع يدخل في إطار تعزيز الدفاع عن حقوق الإنسان، وأنه جاء، كذلك، ليسهل العمليات المرتبطة بترحيل الخدمات (الأوفشورينغ) إدراكا من المغرب لضرورة مجاراة القوانين الأوربية الجاري بها العمل في المجال. وأقر رضا الشامي بأنه في غياب قانون يحمي المواطن من استغلال خصوصيته، لا شيء يمنع الأطراف التجارية من جمع المعطيات المتعلقة بالمستهلك، قبل أن يستدرك قائلا إن القانون الجديد سيضع حدا لهذا الأمر، معتبرا أنه ليس من حق متعهدي الخدمات الهاتفية منح قاعدة المعطيات الخاصة لأطراف وسيطة تستغلها لأغراض تجارية. 
وأوضح الوزير أن القانون ينص على خلق لجنة مستقلة تقوم بدور الوساطة بين المستهلك والقضاء؛ وتتجلى وظيفتها، يفسر الشامي، في حماية المستهلك من أي ضغط قد تمارسه عليه جهة من الجهات المتورطة في جنحة استغلال المعطيات الخاصة لأغراض تجارية. وأضاف أن لها دورا استشاريا في مشاريع القوانين المتعلقة بالموضوع وأن القانون الجديد سيقنن هذا المجال بحيث ينظم هذا النوع من الخدمات في إطاره قانوني، إذ يُنتظر أن تُقترح على الزبون استشارته في أمر استغلال رقمه قبل الإقدام على ذلك. 
وكانت قضية استغلال الأرقام الهاتفية الخاصة لأغراض تجارية موضوع سؤال شفهي وجهه النائب البرلماني عمر السنتيسي، عن الحركة الشعبية، إلى وزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة، قبل أسابيع. وفي حديثه معه، أكد السنتيسي على ضرورة احترام المعطيات الخاصة للزبائن وتقنين عملية إرسال الرسائل القصيرة. وتخوف النائب البرلماني من أن تكون الفروع أو الشركات العاملة في هذا النوع من الخدمات تلجأ إلى عملية اختيار وانتقاء الزبائن انطلاقا من معايير محددة، معتبرا أن في الأمر تجاوزا وخرقا لحميمية المواطن. كما طرح السنتيسي خطر تشجيع القاصرين على الممارسات غير السليمة من خلال استغفال آبائهم للمشاركة في مسابقة تجارية بأسعار مرتفعة!. 



<< Home

This page is powered by Blogger. Isn't yours?